عدد الرسائل : 167 العمر : 48 تاريخ التسجيل : 09/02/2008
موضوع: متحف العين ... دولة الامارات الإثنين نوفمبر 17, 2008 7:45 pm
حضارة العصر الحديدي
في بداية الألف الأول قبل الميلاد وربما قبل ذلك بقليل ظهرت حقبة جديدة في تاريخ الإمارات القديم أطلق عليها حقبة العصر الحديدي. وبالرغم من أن استعمال الحديد في جنوب شرق الجزيرة العربية شاع فقط في النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد فإن مصطلح العصر الحديدي يطلق على الحقبة ما بين 1300 و 300 ق.م. ومع ذلك فقد تم اكتشاف أدوات من الحديد في موقع مويلح والذي هو اليوم جزء من مدينة الشارقة ترجع إلى القرون الأولى من الألف الأول قبل الميلاد. إن غياب النصوص الكتابية وعدم التعرف بشكل دقيق على أجناس الأقوام التي عاشت في المنطقة في تلك الحقبة هي التي جعلت المنقبين عن الآثار يطلقون هذه التسمية على ذلك العصر. يذكر أن الإنسان في منطقة الشرق القديم اكتشف الحديد وبدأ بتصنيعه منذ 1300 عام قبل الميلاد.
وحضارة العصر الحديدي تختلف تماماً عن حضارة العصر البرونزي وقد ظهر ذلك جلياً في شكل المستوطنات السكنية للعصر الحديدي التي امتازت بوحدات البناء المستقلة، ولم يعد للمستوطنات ذات الأشكال البرجية والتي كانت معروفة أيام العصر البرونزي من وجود.
إن المعروضات الموجودة في متحف العين والتي تعود إلى العصر الحديدي قد جاءت من المواقع الأثرية مثل هيلي 2 والرميلة وبدع بنت سعّود والقصيص. فمن هيلي 2 الذي تم تنقيبه من قبل إدارة الآثار والسياحة عرضت صورة ومخطط لجزء من الموقع سوية مع مجموعة من المكتشفات الأثرية مثل السهام البرونزية وأغطية أواني الحجر ونماذج من الفخار والأصداف يستطيع الزائر الإطلاع عليها في الخزانتين 145 و 146. والأواني الفخارية التي تم العثور عليها في الغالب خارج المنازل لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جداً مما تم اكتشافه. وهذه المكتشفات وكذلك العدد الكبير من مواقد النار التي اكتشفت في الفسح الخارجية تدل على أن سكان هيلي 2 كانوا يمارسون نشاطهم اليومي خارج المنازل بالدرجة الأولى.
أما بالنسبة إلى موقع رميلة فقد تم تخصيص خزانتين، في الأولى (147) تم عرض صورة توضح جانباً صغيراً من منطقة التنقيب وثلاثة أواني من الفخار زينت إحداها وهي غير كاملة بثعبان ملتوي. والنوع الأخير من الفخار استعمل بكثرة في مواقع العصر الحديدي ومن المحتمل أن يكون لرمز الثعبان علاقة بالديانة (الديانات) القديمة لأبناء العصر الحديدي في المنطقة. وبالإضافة إلى الفخار تم عرض عدد من أواني الحجر أبرزها الإناء البرميلي الشكل ذو المقابض الأربعة. وفي الخزانة المجاورة (148) تم عرض أدوات من البرونز، منها عدد من السهام ومعزقين كانا يستعملان في حرث الأرض وفأسين وخنجر. ويوجد كذلك زوج من الحجول أو الأساور وعدد من الأختام المنبسطة.
ومما يجدر ذكره هو أن التنقيب في موقع رميلة كان قد بدأ لأول مرة في من قبل البعثة الدنمركية في ستينات القرن الماضي، وقام بعد ذلك فريق صغير من إدارة الآثار والسياحة بالتنقيب في نفس الموقع، بينما أجرت البعثة الفرنسية تنقيبات مكثفة في النصف الأول من الثمانينات تمكنت من خلالها من اكتشاف ثلاث طبقات بنائية متعاقبة. وهذه الطبقات ينسبها المنقبون إلى النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد، بالرغم من أن استيطاناً مبكراً في رميلة من المحتمل أن يكون قد بدأ في القرون الأخيرة من الألف الثاني ق.م.
وبعد زيارة جناح رميلة يعود الزائر إلى القاعة الثالثة ليواجه جرار تخزين كبيرة اكتشفت في كل من هيلي ورميلة.
وإلى اليمين يستطيع الزائر مشاهدة المزيد من مكتشفات العصر الحديدي ولكن هذه المرة من موقع بدع بنت سعّود الذي يقع على بعد 12 كيلومتر شمال هيلي. ففي الخزانات 149-152 تم عرض أواني من حجر الكلورايت وأغطية لتلك الأواني مصنوعة من نفس الحجر. كما وعرضت مكتشفات أخرى مثل زوج من الأقراط المصنوعة من الذهب وخرز متنوع وأدوات زينة مصنوعة من القواقع البحرية. ومن المكتشفات الأخرى ملقطين وإبرة من النحاس (خزانة 150). وفي المدافن التي بنيت على قمة مرتفع بنت سعّود تم اكتشاف عدد من السيوف والسهام البرونزية معروضة في الخزانة 151.
أما الفأس المعروضة مع رؤوس السهام البرونزية والسيوف السالفة الذكر فقد تم العثور عليها في قبر من العصر الحديدي تم اكتشافه في الطبقة العليا من موقع العصر البرونزي في هيلي 8، بينما اكتشف الإناء الحجري وغطائه المعروضين في نفس الخزانة بطريق الصدفة في منطقة الصاروج، وهذا الإناء هو من أكبر الأواني المكتشفة بمدينة العين.
لا يقتصر وجود مواقع العصر الحديدي على مدينة العين أو أبو ظبي فقط بل هي منتشرة في أماكن كثيرة من أرض الإمارات. وموقع القصيص الذي كان يقع على أطراف مدينة دبي حين نقبته بعثة الآثار العراقية في عام 1974 هو اليوم جزء من المدينة. لقد أشرفت إدارة الآثار والسياحة في العين على التنقيب في هذا الموقع واحتفظت ببعض المكتشفات الأثرية تم عرضها بالكامل، في حين احتفظ متحف دبي بالباقي. وموقع القصيص يتكون بالدرجة الأولى من مقبرة واسعة تتكون من قبور فردية وأخرى جماعية. وفي المقابر الفردية وجدت الهياكل العظمية أو بقاياها مزودة بأواني الحجر والفخار والبرونز وبالخناجر البرونزية. وقد تبين أن النساء قد دفنوا وهم في حليهم من قلائد وخواتم وخرز اللؤلؤ. لقد تم نقل أحد القبور الذي يحتوي على هيكل عظمي في وضع القرفصاء إلى متحف دبي وتم عرضه في إحدى القاعات.
وفي موقع القصيص تم اكتشاف وتنقيب مدفنين جماعيين أحدها مقسم من الداخل إلى عدة أقسام من المحتمل أن يكون قد تم بناؤه على مراحل بدأت في الألف الثاني قبل الميلاد. أما الثاني فهو مستطيل الشكل ولم ينقب بالكامل، وهو من المدافن التي تسمى مدافن وادي سوق التي ترجع إلى النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد. وباختصار فإن مدافن القصيص ما تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسة لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أعمال التنقيب التي تمت فيها فيما بعد من قبل متحف دبي، وكذلك نتائج التنقيب في مدافن أخرى داخل الدولة وخارجها خلال العقدين الماضيين. يعرض متحف دبي معظم مكتشفات القصيص بينما يعرض متحف العين في الخزانة 153 أواني من الفخار وفي الخزانة 154 يعرض أواني الحجر وأغطيتها وخنجر ومكتشفات متفرقة كان موتى القصيص يتم تزويدهم بها. وفي الخزانة 155 توجد مجموعة من الأواني الحجرية أبرزها الإناء البرميلي الشكل الذي يشبه إناء رميلة، وفي هذه الخزانة كذلك بعض الأواني البرونزية وإنائين مصنوعين من حجر الكالسايت أو الألباستر.